تغيير وجوه لا تبديل سياسات
يخطئ من يظن أن السياسات الغربية عموما والأمريكية على وجه الخصوص تتغير بتغير الرؤساء فالسياسات الغربية لا تقوم على أساس الفرد أو المصالح الآنية وإنما لها مسار واحد سواء كان هذا المسار سلبي أو ايجابي ،
ومن هنا نجد أن الذين راهنوا مثلا على تغير موقف فرنسا من أحداث المنطقة سوف يتأثر بمغادرة شيراك لقصر الإليزية لم يحالفهم الحظ في ذلك وكذلك الدول الأخرى ذات المصالح أو المطامع أو الأهداف الاستراتيجية لسياستهم الخارجية
ونستطيع القول انه منذ أوائل الثمانينات وحتى الآن لم تتغير السياسات الأمريكية بأهدافها السلطوية ومبادئها التوسعية وخطواتها نحو السيطرة والانفراد بالقوة ولكن الأساليب فقط هي التي تغيرت نوعا ما مع الوجوه وكلنا يذكر كيف أن الرئيس الأمريكي الأسبق ريغان عبر في الثمانينات عن نوايا أمريكا التوسعية في المنطقة بمهاجمة ليبيا وكانت الإدارة الأمريكية تدخلت في الصراع الدائر في أفغانستان قبل ذلك لتتسلسل الأحداث بعدها كما نعلم وتصبح الولايات المتحدة الأمريكية قوة أوحد في العالم طبعا ابتدءا بأفغانستان وانتهاء بما آل إليه الوضع الآن ومرورا بأحداث الخليج الأولى والثانية وما صاحبهما من ويلات على المنطقة وتغيرات شملت النواحي السياسية والعسكرية والاقتصادية وحتى الجغرافية. فتفككت دول وظهرت أخرى وتغيرت أنظمة ونشأت غيرها وعاد الاستعمار العسكري والاقتصادي بكل أشكاله للمنطقة دون أي تغير في سياسة واشنطن التوسعية ورغم مرور أكثر من أربع رؤساء للولايات المتحدة الأمريكية، والامر برمته ينطبق على دول غربية أخرى شريكة في التخطيط والعدوان مثل بريطانيا وفرنسا وغيرهما. فالأمر إذا ليس في الوجوه والكيفية فقد تتغير الخطط والوجوه ولكن الأهداف والسياسات ثابتة لا تتغير، وهذا ما أدركته العديد من دول المنطقة والتي كانت فيما مضى تراهن على الانتخابات الرئاسية في أمريكا أو على دخول رئيس جديد للبيت الأبيض ولكنها كانت في كل مرة تفشل وتصاب بخيبة أمل سواء كان هذا الرئيس من ذلك الحزب أو من ذاك. وهو ما أدركه الناخب الأمريكي المسلم والذي كان فيما مضى يظن خيراً في الوعود والأماني التي يطلقها المرشحون وما إن يصل المرشح إلى كرسي الرئاسة حتى تستمر السياسة السابقة بكل ما فيها من عدوان ونوايا شريرة دون أي تغيير فالقضية ألان ليست بالوجوه ولا بمن سيكون راعي البيت الأبيض ولكنها قضية مبادئ توسعية وسلطوية وأهداف عدوانية شاملة تؤمن بها أمريكا وتعمل من اجلها ليل نهار وتسخر جميع الإمكانيات لتحقيق تلك الأهداف ومن الخطأ أن نركز عدائنا وهجومنا وانتقادنا لشخص بوش أو غيره من الرؤساء السابقين أو اللاحقين ولكنها السياسة الأمريكية الرعناء التي يؤمن بها كل من يرشح نفسه أو يفوز بالرئاسة.